سلطة ممثل الشركة التجارية أمام غيرها (4): تجاوز ممثل الشركة حدود سلطته


في وقفتنا الثالثة هذه مع القواعد العامة للشركات نبين القضية السادسة والتي هي ختام القضايا الخمس المتقدمة.

سادسا: تجاوز ممثل الشركة لحدود سلطته

متى ما تم تحديد سلطة ممثل الشركة لزم العمل في حدود تلك السلطة ولم يكن له تجاوزها، وسنستعرض جملة من القضايا المرتبطة بتجاوز ممثل الشركة لحدود سلطته:

أولا: مدى صحة التصرف الذي يتجاوز فيه ممثل الشركة حدود سلطته

لم ينص قانون المعاملات المدنية ولا قانون الشركات التجارية على الوضع القانوني للتصرف الذي يتجاوز فيه ممثل الشركة لحدود سلطته ، وعند البحث فيما جاء عن فقهاء القانون نجد أن موسوعة الشركات التجارية عالجت الأمر من خلال باب الوكالة وما جاء فيه من تجاوز الوكيل لحدود سلطته – بناء على القاعدة الثالثة التي تقدمت أن ممثل الشركة هو وكيل لها – وذلك عند ذكر شركة التضامن تحديدا، فجاء في الموسوعة المشار اليها أعلاه أن المادة 806 من قانون "الموجبات والعقود اللبناني" نصت على أن "الموكل لا يلزم بما يفعله الوكيل مما يخرج عن حيز سلطته أو يتجاوز حدها إلا في الأحوال الآتية، أولا: إذا وافق عليه ولو بوجه ضمني، ثانيا: إذا استفاد منه، ثالثا: إذا عاقد الوكيل بشروط أجزل فائدة من الشروط المعينة في التعليمات التي تلقاها، رابعا: إذا عاقد الوكيل بشروط ادعى إلى النفقة من الشروط التي عينت له في التعليمات التي تلقاها، وذلك في الحالتين الآتيتين: 1- إذا كان الفرق قليل الشأن، 2- إذا كان منطبقا على التسامح المعتاد في التجارة أو المكان الذي أبرم العقد".

وعند الرجوع إلى قانون المعاملات المدنية العماني نجد بين نصوصه بعض ما يرشدنا إلى مدى صحة التصرف عند تجاوز الوكيل لحدود سلطته:

1- الإجازة اللاحقة: إذا أجاز الموكل تصرف الوكيل تم ولم يبطل، وهذا بناء على أن الإجازة اللاحقة هي كالوكالة السابقة (مدني:679)، وهو ما يعني أن التصرف الذي يتجاوز فيه الوكيل حدود سلطته لا يعد باطلا، بل معلق على إجازة الموكل، فإن أجاز التصرف نفذ، وإلا لم يعتد به (مدني:679).

2- النفع الأكبر: إذا تجاوز الوكيل حدود سلطته لأمر كان أكبر منفعة لمصلحة الموكل نفذ التصرف (مدني:680).

3- الاكتفاء بشخص واحد عند تعيين أكثر من مدير: إذا تم تعيين أكثر من مدير للشركة، واشترط الشركاء اجتماع المديرين في الإدارة، فقد استثنى القانون من شرط الاجتماع هذا حالتين لا يبطل فيهما تصرف من انفرد من الشركاء في الإدارة، فينفذ في ذلك تصرفه حتى إن كان متجاوزا حدود سلطته بعدم التزامه بقيد الاجتماع، أولا: إن كان الأمر لا يحتاج إلى تبادل الرأي فيه، وثانيا: إذا كان الأمر عاجلا يترتب على تفويته إلحاق ضرر بالشركة (مدني:477/2).

ومن خلال ما تقدم يمكن القول بأن ممثل الشركة متى ما تجاوز حدود سلطته وتمت إجازة تصرفه من قبل الشركاء أو كان في تصرفه نفع أكبر لمصلحة الشركاء أو انفرد برأيه عند اشتراط اجتماع الرأي لعدم الحاجة إليه أو تجنبا للضرر نفذ تصرفه، وإلا عد تصرفه باطلا.

ثانيا: ترتب الضمان على الضرر

تقدم أن ممثل الشركة التجارية إن تجاوز حدود تصرفه فقد ينفذ في حالات، إلا أنه إن بطل هذا التصرف ونجم عنه ضرر للشركة فهنا ألزم القانون هذا الممثل للشركة ضمان أي ضرر ناجم عن تجاوزه لحدود سلطته (مدني:478/3).

ثالثا: التوابع الضرورية للأعمال التي أنيطت بممثل الشركة

لا تعد ممارسة ممثل الشركة للتوابع الضرورية المتصلة بالأعمال التي أنيطت به تجاوزا لحدود السلطة التي منح إياها، بل هو أمر جائز له القيام به (مدني:477/1)، وذلك كتسليم المبيع بناء على سلطة البيع، وتسلم العين التي تم شراؤها بناء على سلطة الشراء. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عقد الوكالة في القانون (4): الموكل (شخصية طبيعية)

عقد الوكالة في القانون (3): سمات وخصائص عقد الوكالة

عقد الوكالة في القانون (2): مفهوم عقد الوكالة