سلطة ممثل الشركة التجارية أمام غيرها (9): شركة المساهمة، وحلول نائب الرئيس محل الرئيس في تمثيل الشركة

الوقفة الأخيرة من سلطة ممثل شركة المساهمة ستكون مع إشكالية غياب رئيس مجلس الإدارة دون تفويضه لمن ينوب عنه، والجوانب القانونية التي تثور حول ذلك.

سادسا: غياب رئيس مجلس الإدارة

نظرا لأهمية الأعمال المنوطة برئيس مجلس الإدارة، فقد عالجت المادة 186 تعذر رئيس مجلس الإدارة عن تمثيل الشركة لأمر ما ، فنصت على أن نائب الرئيس يحل محل الرئيس عند غيابه، وفي هذا حفظ لمصلحة الشركة من تعطل أعمالها أو تعليقها إلى حين عودة الرئيس، لما في ذلك من ضرر كبير على الشركة ومالكيها من حملة الأسهم . ونجد أن المادة أعلاه لم تضع إلا قيدا واحدا لحلول نائب رئيس المجلس محل الرئيس ألا وهو غيابه حصراً ، حيث يتفعل هذا النص القانوني تلقائياً عند غياب الرئيس ومن دون الحاجة إلى صدور أي قرار من مجلس الإدارة أو الجمعية العامة بخصوص ذلك الحلول ، كما أن نائب الرئيس يعد الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يحل محل الرئيس عند غيابه. 

وعند مقارنة ذلك بالمادة 103 من القانون السابق فإننا سنجد تفاوتا بيناً بينهما، ففي القانون السابق كانت هنالك جملة من الضوابط لحلول النائب عن الرئيس، وهي:

1- أن يدرج نص في النظام الأساسي للشركة يخول مجلس الإدارة بأن ينتخب نائبا للرئيس.

2- صدور قرار من مجلس الإدارة بانتخاب نائب للرئيس.

3- يقوم نائب الرئيس بوظيفة الرئيس عند غيابه.

إلا أن الأمر الملفت أكثر في المادة الجديدة أنها لم تسمح بأن ينوب المدير العام للشركة أو رئيسها التنفيذي عن الرئيس على خلاف المادة السابقة التي كانت تسمح بذلك وفق ذات شروط نيابة نائب الرئيس.

ومما يثور التساؤل حوله هو عدم تحديد المشرع معياراً محدداً للفظ غياب الرئيس من حيث كون ذلك الغياب مشروطاً بعذر أو بدونه، والإطلاق الوارد في نص المادة أعلاه يستظهر منه بأن الغياب المطلق لرئيس مجلس الإدارة يرخص للنائب الحلول محله ويمنح نائبه صلاحية تمثيل الشركة أما القضاء وغيره، كما أن اشتراط إثبات قيام عذر لغياب الرئيس عن تمثيل شركته فيه مشقة يصعب إثباتها أمام الجهات الأخرى.

 ومع ذلك فلا يمكن غض الطرف عن قيد غياب الرئيس ليتمكن نائبه من الحلول محله في تمثيل الشركة، وذلك لأنه لو أمكن إعطاء  صلاحية التمثيل للرئيس ونائبه على حد سواء، بحيث تنص المادة على سبيل الافتراض بأن لرئيس مجلس الإدارة أو نائبه تمثيل الشركة ، غير أن النص الحالي قيد تمثيل النائب بغياب الرئيس فقط ، ونظرا لعدم وجود ضابط لمعنى الغياب كان من الممكن أن تصاغ المادة على نحو آخر يزيل هذا الإبهام، مثل أن تكون على النحو الآتي :" يمثل الشركة رئيس مجلس إدارتها أو نائبه أمام القضاء وغيره، وبأحدهما تنفذ قرارات المجلس ،... وعند اجتماعهما يكون الرئيس هو ممثل الشركة"، فهنا نكون قد ساوينا بين تمثيل الرئيس ونائبه للشركة، واكتفائنا بواحد منهما عند غياب الأخر ، كما منحنا الرئيس أفضلية عند حضور نائبه، مع انتفاء الإبهام الحاصل في معنى غياب رئيس مجلس الإدارة.

وتساؤل آخر يثور هنا أيضا، وهو في الصلاحيات التي من الممكن أن يمارسها نائب الرئيس ، والتي لها شقان :

الأول: في تنفيذ قرارات مجلس الإدارة نيابة عن الرئيس، وهذا لا شك من صلب صلاحياته في صلاحيته وإلا ليس هنالك من فائدة في حلوله محل الرئيس.

الثاني: في ممارسته لجميع اختصاصات رئيس مجلس الإدارة التي منح إياها من قبل مجلس الإدارة، ويندرج تحته تفويضه غيره من الأعضاء لتمثيل الشركة، والذي يبدو من سياق المادة أن للنائب ممارسة جميع تلك الاختصاصات إذ إن المادة لم تقيد حلول النائب عن الرئيس بجانب دون جانب.

وهذا التساؤل هنا يؤكد حاجة المادة إلى صياغة أكثر دقة، مثل أن تصاغ على النحو الآتي :" يمثل شركة المساهمة رئيس مجلس إدارتها أو نائبه أمام القضاء وغيره، وبأحدهما تنفذ قرارات المجلس، ولأحدهما تفويض بعض اختصاصات الرئيس لغيره من الأعضاء، وعند اجتماعهما يكون الرئيس هو ممثل الشركة".