عقد الوكالة في القانون (2): مفهوم عقد الوكالة

 


جاء تعريف عقد الوكالة في القوانين العمانية في موضعين، هما قانون المعاملات المدنية وقانون التجارة، أما قانون المعاملات المدنية (29/2013) فعرفه بأنه:" عقد يقيم بمقتضاه الموكل شخصا آخر مقام نفسه في تصرف جائز معلوم" (مدني:672)، وهو موافق للقانون المدني الأردني (المادة 833)، فيما عرفه قانون التجارة (55/90) بأنه:" عقد يقيم به الموكل شخصا آخر مقام نفسه في مباشرة تصرف قانوني معين" (تجارة:276)، وهو موافق لقانون المدني المصري (المادة:699)، والتعريفان متطابقان إلا في موضع واحد، هو تقييد التصرف بأنه (جائز معلوم) أو (قانوني معين)، والذي يعد قيدا مهما جدا في تحديد مفهوم الوكالة، وسيأتي بيان الفرق بينهما عند تحليل ألفاظ التعريف إن شاء الله.

وأما عن سبب اعتناء قانون التجارة بذكر عقد الوكالة وتحديد مفهومه وتفصيل بعض أحكامه - رغم أنه عقد من العقود المسماة الواردة ضمن العقود المدنية – فيعود إلى اعتناء قانون التجارة بأحكام (الوكالة التجارية)، ما حدا به إلى تعريف عقد الوكالة ابتداء قبل تفصيل أحكام الوكالة التجارية، غير أنه لم يعنى بتعريف الوكالة التجارية اكتفاء بعريف قانون الوكالات التجارية (٢٦ / ٧٧) لها بأنها:" كل اتفاق يعهد بمقتضاه منتج أو مورد خارج السلطنة إلى تاجر أو أكثر أو شركة تجارية أو أكثر في السلطنة ببيع أو ترويج أو توزيع بضائع ومنتجات أو تقديم خدمات سواء بصفته وكيلا أو ممثلا أو وسيطا للمنتج أو المورد الأصلي الذي لا يكون له وجود قانوني في السلطنة، وذلك لقاء ربح أو عمولة" (وكالات تجارية:1)، ويبدو أن سبب تعرض قانون التجارية لتعريف عقد الوكالة هو تأخر صدور قانون المعاملات المدنية الذي يعد الموضع الأصيل لتعريف عقد الوكالة.

وأما عن الجوانب التي اعتنى قانون التجارة فيما يخص عقد الوكالة فقد كانت متعلقة بالوكالات التجارية خاصة، مثل:

أ- وكالة العقود: ولم يعرفها القانون العماني، وعرفها القانون الكويتي بأنها:" عقد يلتزم بموجبه شخص بأن يتولى على وجه الاستمرار وفي منطقة نشاط معينة الحض والتفاوض على إبرام الصفقات لمصلحة الموكل مقابل أجر" (تجارة/كويتي:271)، وأما أجر الوكيل فهو عائد إلى اتفاق الطرفين (تجارة:293).

ب- الوكالة بالعمولة: عقد يلتزم بموجبه الوكيل بأن يقوم باسمه بتصرف قانوني لحساب الموكل في مقابل أجر (تجارة:298)

على أن هنالك جملة من الفروق المهمة بين الوكالة المدنية الوكالة التجارية، وهي:

أولا: الأصل في الوكالة المدنية أنها لأغراض مدنية، بينما الأصل في الوكالة التجارية أنها لمباشرة أعمال تجارية، ولذا نص القانون على أن الوكالة التجارية تنصرف فقط إلى الأعمال التجارية، وإن احتوت على توكيل مطلق، ما لم يتفق الأطراف صراحة على غير ذلك (تجارة:276).

ثانيا: الأصل في الوكالة المدنية أنها تبرع إلا أن يتفق الأطراف على أنها بأجر، بينما الأصل في الوكالة التجارية أنها بأجر إلا أن يتفق الأطراف على أنها بدون مقابل (تجارة:277).

ثالثا: تنصرف آثار العقد في الوكالة المدنية إلى الموكل مباشرة، بينما تنصرف آثار العقد في الوكالة التجارية إلى الوكيل، وسبب ذلك أن عقد الوكالة التجارية يباشر فيه الوكيل التجاري التصرف القانوني باسمه، ولكن لحساب الموكل ومقابل أجر منه، والذي يسمى عادة "العمولة"، ويصبح بذلك هو المدين أو الدائن في العقد الذي يبرمه مع الغير (عليا تجاري:71 - طعن:28/2005).

رابعا: الأصل في الوكالة المدنية أن الوكيل غير ملزم بتنفيذ الالتزامات التي ترتبت بناء التعاقد باسم الأصيل، بينما قد يكون ملزما بذلك في الوكالات التجارية كما في الوكالة بالعمولة للنقل، إذ يكون الوكيل مسؤولا عن تنفيذ عقد النقل (عليا تجاري:75 - طعن:73/2005 و76/2005).

ولما كان قانون المعاملات المدنية هو أصل القوانين، كان الاعتماد عليه هنا في الأخذ بتعريفه، والاعتناء بشرحه، ثم مقارنته بالتعريفات الأخرى الواردة في القوانين الأخرى.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عقد الوكالة في القانون (4): الموكل (شخصية طبيعية)

عقد الوكالة في القانون (3): سمات وخصائص عقد الوكالة