عقد الوكالة في القانون (4): الموكل (شخصية طبيعية)

 


بَيَّن تعريف عقد الوكالة أن الطرف المسمى "بالموكل" هو الذي يقيم شخصا آخر مقام نفسه، بيد أن "الموكل" قد يكون شخصا طبيعيا أو شخصا اعتباريا (حكميا)، ولكل منهما أحكام خاصة به.

فإن كان شخصا طبيعيا فله ثلاث حالات:

1) أن يكون كامل الأهلية: بإتمامه الثامنة عشر من العمر، مع تمتعه بكامل قواه العقلية، وانتفاء أي حجر عليه (مدني:41)، فتكون له الأهلية كاملة لإبرام عقد الوكالة.

2) أن يكون ناقص الأهلية: بأن يبلغ سن التمييز، وهو سبع سنين ودون سن الرشد، أو أن يبلغ سن الرشد غير أن به سفها أو غفلة (مدني:43)، فهذا الصنف ترجع أحكام توكيلهم لغيرهم لأحكام الولاية أو الوصاية أو القوامة (مدني:44)، غير أن القانون خص الصغير المميز بأحكام أكثر من غيره، فأجاز عقوده إن أذن له (مدني:94)، ولذا فإن القانون صحح بعض العقود إن أبرمها بنفسه لا بنائبه، والتي تكون نافعة نفعا محضا له، بخلاف ما إذا كانت ضارة ضررا محضا، وأما إن كانت دائرة بينهما فتكون موقوفة على إجازة نائبه أو بلوغه سن الرشد (مدني:93 – أحوال شخصية:144/ج)، إضافة إلى أنه يمكنه أن يباشر العقود كلها كالرشيد بشرطين، الأول: أن يكون قد بلغ الخامسة عشر، والثاني: أن يأذن له الأب أو الوصي بموافقة القاضي أو يرشده القاضي بنفسه (أحوال شخصية: 145/146/152)، فإن رغب الصبي في إبرام عقد كان له أن يباشره بنفسه كأي بالغ لسن الرشد متى كان مأذونا له أو مُرشّدا، غير أن الأمر لا يزال بحاجة إلى مزيد من التنظيم، وتحديدا في طريقة إذن الأب لابنه بمباشرة التصرفات، وذلك أن ترشيد القاضي يصدر للصبي في وثيقة يمكن الاعتماد عليها، والرجوع إلى تفاصيلها عند الحاجة إليها، غير أن إذن الأب أو الوصي للقاصر لا توجد له طريقة توثيق وتسجيل بحيث يمكن الاعتماد عليها، والرجوع إليها تفاصيلها، كما أن الإذن الشفهي لا يمكن الاعتماد عليه، وذلك أن الإذن يمكن أن يكون مطلقا أو مقيدا، كما يمكن أن يسحب عنه (أحوال شخصية:145)، وهو ما يستدعي معرفة تفاصيل الإذن، وحدود صلاحيات الصغير المأذون له، كما أن الأمر قد يستدعي التحقق من استمرار الإذن له أو سحبه عنه، كل هذا يجعل من العسير التعامل مع الصبي المأذون له إن أراد أن يبرم عقد وكالة. على أن أغلب الحالات التي تُلجئ الصغير إلى إبرام عقد وكالة وجوده ضمن مجموعة من الورثة الذي يرغبون بتوكيل أحد ينوب عنهم، فيحتاج الصغير هنا إما إلى قرار ترشيد من القاضي ليستطيع إبرام عقد الوكالة، أو أن ينصب له وصي ينوب عنه، وأما حاجة الصغير إلى الإذن فيمكن أن تحصل عن إهمال الأب لشؤون ابنه القاصر، ما قد يدعوه إلى التفكير بالاستقلال عنه والده، والسعي للقيام على شؤونه بنفسه.

3) أن يكون فاقد الأهلية: فهنا لا بد من نائب يمثله، وذلك كالمجنون والصبي غير المميز، ويعد المرض الحاصل عند الكبر والشيخوخة من أكثر الحالات التي تلجئ الأطراف إلى تعيين نائب للمريض، وصفة النيابة عنهم لا يمكن أن تكون بالوكالة؛ لانعدام الإرادة فيهم، وإنما يخضعون لأحكام الولاية أو الوصاية (مدني:44) كون الوكالة لا بد فيها من إرادة الأصيل الذي سيوقع على عقد الوكالة، في حين أن حالته الصحية أفقدته عقله حتى صار منعدم الإرادة، ولذا لم تكن له أهلية ليوقع على عقد الوكالة، فكان محتاجا إلى أن يعين له وصي من قبل القاضي لينوب عنه في التصرفات.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عقد الوكالة في القانون (3): سمات وخصائص عقد الوكالة

عقد الوكالة في القانون (2): مفهوم عقد الوكالة