المشاركات

عقد الوكالة في القانون (4): الموكل (شخصية طبيعية)

صورة
  بَيَّن تعريف عقد الوكالة أن الطرف المسمى "بالموكل" هو الذي يقيم شخصا آخر مقام نفسه، بيد أن "الموكل" قد يكون شخصا طبيعيا أو شخصا اعتباريا (حكميا)، ولكل منهما أحكام خاصة به. فإن كان شخصا طبيعيا فله ثلاث حالات: 1) أن يكون كامل الأهلية: بإتمامه الثامنة عشر من العمر، مع ت متعه بكامل قواه العقلية، وانتفاء أي حجر عليه (مدني:41)، فتكون له الأهلية كاملة لإبرام عقد الوكالة. 2) أن يكون ناقص الأهلية: بأن يبلغ سن التمييز، وهو سبع سنين ودون سن الرشد، أو أن ي بلغ سن الرشد غير أن به سفها أو غفلة (مدني:43)، فهذا الصنف ترجع أحكام توكيلهم لغيرهم لأحكام الولاية أو الوصاية أو القوامة (مدني:44)، غير أن القانون خص الصغير المميز بأحكام أكثر من غيره، فأجاز عقوده إن أذن له (مدني:94)، ولذا فإن القانون صحح بعض العقود إن أبرمها بنفسه لا بنائبه، والتي تكون نافعة نفعا محضا له، بخلاف ما إذا كانت ضارة ضررا محضا، وأما إن كانت دائرة بينهما فتكون موقوفة على إجازة نائبه أو بلوغه سن الرشد (مدني:93 – أحوال شخصية:144/ج)، إضافة إلى أنه يمكنه أن يباشر العقود كلها كالرشيد بشرطين، الأول: أن يكون قد بلغ الخ

تقديم المصارف التقليدية للخدمات المالية الإسلامية في سلطنة عمان (أ): ضوابط التشغيل والرقابة

صورة
  حدد البنك المركزي العماني في  "الإطار التنظيمي والرقابي للأعمال المصرفية الإسلامية" الشكل القانوني لأي مصرف يرغب في تقديم خدمات أو منتجات إسلامية، وحصرها في ثلاث  (باب:1 /4): 1- مصرف إسلامي محلي بالكامل. 2- فرع إسلامي لمصرف أجنبي. 3- نافذة إسلامية لمصرف تقليدي محلي. ولكن لما كان للنافذة الإسلامية صلة كبيرة بالمصرف التقليدي كونه المصرف الأصيل، أولاه البنك المركزي العماني مزيدا من العناية بوضع معايير إضافية خاصة به، حرصا منه على الالتزام الشرعي في الخدمات الإسلامية التي تقدمها.                                                                                                          *ضوابط التشغيل والرقابة* وضع البنك المركزي العماني من الضوابط التشغيلية والرقابية التي يلزم أن تلتزم بها المصارف التقليدية عند رغبتها فتح نوافذ إسلامية لها،  حفاظا على أعلى مستويات الالتزام بالشريعة، وسدا للثغرات التي يمكن أن يلبس عمل النوافذ الإسلامية بالمصارف التقليدية التي تعود إليها.  أولا: الضوابط التشغيلية   1- يجب على المصارف التقليدية تخصيص فروع مصرفية خاصة بالنافذة الإسلامية لتقديم الخدمات

عقد الوكالة في القانون (3): سمات وخصائص عقد الوكالة

صورة
  تقدم في المقال السابق تعريف قانون المعاملات المدنية (29/2013) للوكالة بأنها:" عقد يقيم بمقتضاه الموكل شخصا آخر مقام نفسه في تصرف جائز معلوم"، فالوكالة عقد من العقود المسماة التي اعتنى القانون بتنظيم أحكامها، كما تجري عليها القواعد العامة للعقود من صيغة وسبب ومحل، أسوةً بالعقود الأخرى، غير أن لها جملة من السمات التي تتميز بها عن غيرها من العقود: 1- أنها عقد وارد على عمل: فهي بهذا تختلف عن البيع كونه عقدا واردا على عين أو حق، كما أنها تختلف عن الإجارة كونها عقدا واردا على منفعة، وتكمن أهمية معرفة هذه السمة في أنها تمكن الشخص من التوصيف القانوني الصحيح للوقائع القانونية التي قد تلتبس فيها الوكالة بالبيع أو الإجارة، وذلك كما في عقد توريد السلع، الذي يقوم التاجر فيه بأخذ السلع من موردها، وبيعها بعد ذلك، إذ يدور توصيف عقد التوريد هذا بين عقد الوكالة وعقد البيع نظرا لتعدد طرق التعاقد فيه، فإذا دفع المورد السلع إلى التاجر ليبيع منها ما أمكنه، ثم يعود إليه بالثمن وما تبقى من السلع التي لم تبع كان العقد المبرم بينهما عقد وكالة، وكان التاجر وكيلا عن المورد في بيع السلع، نظرا إلى أن ال

البيعتان في بيعة (3): دخول عقد على عقد (بيع الدين للمدين)

صورة
من الصور التي ساقها العلماء للبيعتين في بيعة أن يسلف رجل من آخر قفيز حنطة إلى شهرين، فإذا حل الأجل وطولب بالحنطة قال: بعني قفيز الحنطة الذي لك علي إلى أربعة أشهر بقفيزين، فصار بذلك بيعتان في بيعة، بدخول البيع الثاني على الأول، ورأوا أنه محل تحقق أوكس البيعتين أو الربا، وذلك في رواية أبي داود التي جاءت من طريق أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من باع بيعتين في بيعة فله أوكسها أو الربا "، فالوكس هو النقص، وأوكس البيعتين أنقصهما، يقول الخطابي في معالم السنن:" لا أعلم أحدا قال بظاهر هذا الحديث، وصحح البيع بأوكس الثمنين، إلا ما يحكى عن الأوزاعي، وذلك لما يتضمنه من الغرر والجهالة، فإن كان الحديث صحيحا فيشبه أن يكون ذلك حكومة في شيء بعينه، كأنه أسلفه دينارا في قفيز بر إلى أجل، فلما حل طالبه، فجعله قفيزين إلى أمد آخر، فهذا بيع ثان دخل على البيع الأول، فيردان إلى أوكسهما، أي أنقصهما، وهو الأول، فإن تبايعا البيع الثاني قبل أن يتقابضا كانا مربيين"، فوجه حصول البيعتين يكون بدخول البيع الثاني على الأول من خلال جعل مثمن البيع الأول - وهو قفيز الحنطة - ثمنا في ا

"هل العقود على ما أسست أو على ما عقدت"

صورة
قاعدة:" هل العقود على ما أسست أو على ما عقدت؟" قاعدة مفيدة جدا، فهي تعنى بالشروط التي تضم إلى العقود، وتزداد أهمية هذه القاعدة في العصر الحديث نظرا لاختلاف طريقة إبرام العقود، فهي عادة لا تبرم في وثيقة واحدة، بل تستبقها لقاءات تمهد لها، وهذه اللقاءات تتضمن إعداد مستندات تبين شروط العقد الذي سيبرم بين الطرفين، والتي قد تصل لعشرات الصفحات، قد تسمى "بمذكرة تفاهم" أو "اتفاقية أولية" أو "اتفاقية تمهيدية" أو غير ذلك من الأسماء التي تفيد أنها ليست العقد الرئيسي الذي يرغب الأطراف بإبرامه، بل تمهيد له، فإذا جاء يوم إبرام العقد لا يعاد ذكر تلك الشروط، وهو ما يثير التساؤل عن مدى اعتبار تلك الشروط وضمها للعقد، وإلزام الأطراف بها. إن الشروط التي تضم إلى العقود إما أن تقترن بها وقت إبرامها فتكون مقارنة لها، وهذه لا خلاف بين الفقهاء في ثبوتها متى كانت شروطا صحيحة، وإما أن يُتَّفق عليها قبل إبرام العقود، ولا يرد لها ذكر عند إبرام العقود بإثبات أو نفي، وهي الشروط السابقة، وقد اخْتُلف في حكمها، فذهب الإباضية والمالكية والحنابلة إلى أنها كالشروط المقارنة، فتكون شرو

البنوك الرقمية الإسلامية... بين تطور تكنولوجيا المالية والالتزام بالضوابط الشرعية (1)

صورة
لقد كان للبنوك الرقمية نموا متسارعا في الآونة الأخيرة، نظرا لما شهده القرن الأخير من طفرة في تكنولوجيا المالية، وزاد وتيرة التسارع هذه جائحة كورونا، ما طور الأعمال المالية الرقمية عموما، والبنوك الرقمية خصوصا، حتى تجاوز عددها 400 بنك رقمي عبر العالم، وقد كان للمالية الإسلامية حظا من ذلك، فقد تم إطلاق عدد من البنوك الرقمية الإسلامية عبر العالم، سواء في دول الخليج أو غيرها . ورغم أنني لم أشارك إلى لحظة تحرير هذا المقال في أعمال بنك رقمي إسلامي، غير أنه من خلال ما وقفت عليه في المالية الإسلامية من جهة، وتكنلوجيا المالية من جهة أخرى، بدت لي أن هنالك جملة من الجوانب المتعلقة بالالتزام بضوابط الشريعة الإسلامية : 1- إن التحول إلى بنوك رقمية إسلامية ليس أمرا مستحيلا، ويكفي شاهدا على هذا إطلاق جملة من هذه المصارف، ولكنه أيضا ليس بالأمر السهل، إذ تكتنفه الكثير من الصعوبات، ومع هذا فإن الواقع العالمي الذي تعيشه الصناعة المالية يحتم على المالية الإسلامية أن يكون لها موضع قدم ضمن البنوك الرقمية، فالتطور الكبير، والابتكار المتسارع، لا يترك مجالا لكل من تخلف عن الركب، بل قد يؤول الأمر مستقبلا بمن ي

الضوابط الشرعية لصرف ما في الذمة (وفاء الدين بعملة مختلفة)

صورة
روى أبو داود والنسائي وابن حبان وغيرهم من طريق ابن عمر أنه قال:" أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة رضي الله عنها، فقلت: يا رسول الله رويدك أسألك، إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء"، فالحديث يدل على جواز صرف الأثمان التي تثبت دينا في الذمة، فتؤخذ الدراهم بدل الدنانير، كما تؤخذ الدنانير بدل الدراهم، وهذه المسألة تعرف عند الفقهاء "بصرف ما في الذمة"، ولذلك لأن أخذ عملة عن عملة أخرى هو "صرف"، ونظرا لأن العملة الأولى دين وليست حاضرة فكانت "في الذمة ". وبهذا يمكن لمن كان عليه دين بالدولار الأمريكي لشخص من جنسية بلد ليست هذه عملته المستخدمة أن يوفيه بعملة أخرى يتفقان عليها، ولكن لا بد من مراعاة جملة من الضوابط الشرعية: 1- أن يكون الصرف بسعر يومه: أي بسعر يوم الوفاء بالدين، فلا يصح أن يعتمدا على سعر صرف العملة يوم ترتب الدين في الذمة، فمثلا لو تم شراء السلعة في شهر ينا